عودة المغتربين من دبي تحديات قاسية على سوق العمل الأردني

منبر الرأي- طارق الحميدي - ألقت ألازمة الاقتصادية العالمية بظلالها على إمارة دبي حيث شهدت _إمارة المال والأعمال_ هزات عنيفة أقصت العديد من الوافدين ومنهم مغتربون أردنيون فيما جعلت الكثيرين في مهب الريح وعرضة للتسريح في أي وقت.

ولم تعد دبي إمارة "الأحلام" التي كانت في السابق المقصد الأول للباحثين عن جمع المال في الشرق الوسط وكثير من دول العالم كما كانت في السابق بعد أن فقد الوافدون فيها الشعور بالأمن الوظيفي حين أصبحوا مهددين بالتسريح بعد أن نالت ألازمة المالية من كبرى شركاتها .

وأصبح هاجس الأمن الوظيفي يقض مضاجع الوافدين المقيمين في دبي خاصة بعد موجة من تسريح الموظفين في كثير من شركات دبي وفي أكثر من قطاع كان أكثرها تأثرا القطاع العقاري والمالي فيما لم يخف الأردنيون المقيمون في دبي مخاوفهم من أن تزداد الأوضاع سوءا وبالتالي تنع ان الله يراك عليهم من خلال الاستغناء عن خدماتهم وفقدان وظائفهم .

ويشكل الوافدون في مدينة دبي ما يقارب الـ 80% من إجمالي سكانها جاءوا من كافة أنحاء العالم من أجل العمل فيها بعد أن شهدت الإمارة طفرة عقارية وتجارية عملاقة من خلال اعتمادها التجارة الحرة وتحرر اقتصادها من كل القيود حتى أصبحت مركزا مهما للمال والأعمال والتجارة والتصنيع في العالم .

وتحولت دبي في نظر الكثيرين بعد ألازمة العالمية إلى بلد فقد العاملون فيه الأمن الوظيفي بعد أن عمدت كبريات الشركات إلى عمل تسويات مع موظفيها من أجل تسريحهم والاستغناء عن خدماتهم كإجراء مبدئي لمواجهة الأزمة في حين قامت شركات أخرى بتسريحهم مقابل إعطائهم حقوقهم كل حسب مدة عمله في الشركة .

وكانت شركة نخيل العقارية المملوكة لحكومة دبي قد سجلت في وقت سابق من العام الماضي أكبر عملية تسريح للموظفين في القطاع العقاري لديها، بإعلانها الاستغناء عن 500 وظيفة وهو ما يعادل 15% من العاملين فيها بعد تقليص بعض المشروعات جراء الأزمة المالية العالمية.

كما ظهرت توقعات في الأفق تشير بأن يفقد أكثر من (5) آلاف وافد وظائفهم في دبي وخاصة في سوق العقارات _وهو القطاع الأكثر تضررا جراء ألازمة المالية _ مما يدل على مدى تعمق ألازمة المالية العالمية وتأثيرها المباشر على دبي.

يقول أحمد مسمار العائد من دبي بعد 5 سنوات عمل فيها في إحدى الشركات العقارية في مجال التسويق ": اعتقد أن دبي قدمت كل ما عندها خلال الأعوام الماضية أما الآن وفي ظل الأزمة لم يعد بالامكان العيش هناك وسوق العقارات شبه مشلول ولا يستطيع الوافدون العيش فيها مثل السابق".

وأضاف أن العقارات في دبي شهدت ثورة حقيقية في السنوات الست الماضية حققت من خلالها شهرة عالمية جذبت لها أغنى مشاهير العالم من أجل الاستثمار وشراء العقارات أما الآن فكل شئ قد تغير , وقمت بعمل تسويه مع الشركة من أجل أن أعود للأردن بعد أن تعذر الاستمرار معهم في ظل الأزمة الحالية .

أما خالد سلمان شاب أردني آخر يعيش في دبي استطاع منبر الرأي أن يجري اتصالا معه فقال أنه يتوقع في أي لحظة أن تقوم الشركة بالاستغناء عن خدماته بسبب تباطؤ الاقتصاد وضعف الإقبال على العقارات هناك حيث لم يعد الناس يفكرون بشراء الشقق الفارهه والعقارات كما كانت في السابق .

وقال سلمان (23 عاما( ":أنا هنا منذ عام تقريبا وجئت أحمل طموحات كبيرة بعد كل ما كان يقال عن دبي ولكن الواضح الآن أن كل شئ انتهى ولم تترك لنا ألازمة المالية سوى الرحيل .

ويتحدث ماهر كمال الذي يعمل في أحد محلات العطور في دبي أن الأزمة المالية أثرت على سائر القطاعات وأكد أن الشركة التي يعمل فيها قامت بتخفيض كادر الموظفين من خلال تسريحهم وأشار أن له أصدقاء كثر يعملون في قطاع العقارات والبنوك قد تم الاستغناء عنهم بالفعل وعادوا إلى الأردن .

من جانبه قال خبير الاقتصاد في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور صلاح الرواشدة أن تسريح المغتربين الأردنيين في دبي ودول الخليج بشكل عام يترتب عليه أضرار على المدى المتوسط أهمها انخفاض قيمة الناتج القومي الإجمالي بمقدار قيمة انخفاض الحوالات القادمة من المغتربين العاملين في تلك الدول .

وبين الرواشده أن قيمة الحوالات العائدة على الأردن من المغتربين العاملين في دول الخليج بلغت 2.5 مليار دينار وهو الرقم الذي سيتأثر في حال استمر تسريح العاملين الأردنيين في دبي والخليج مؤكدا في الوقت ذاته أحقية الشركات في تسريح الموظفين والتعامل بمرونة مع ألازمة المالية وتخفيض الكلف عليها بما لا يتعارض مع قانون العمال في كل دوله .

وأشار الرواشده أن تسريح العاملين في الخارج وعودتهم في فترة زمنية متقاربة سيؤدي إلى زيادة البطالة الهيكلية التي يعاني منها السوق الأردني أصلا , بحيث يصبح المعروض من العمل أكثر من المطلوب, مؤكدا أن هناك مزيدا من التأثيرات الاجتماعية والتحديات التي يجب أن تخلق لها الحكومة الحلول قبل أن تستشري الظاهرة .